حقوق المرأة في الفكر الإسلامي: قراءة تحليلية للقضايا الجدلية 

حقوق المرأة في الفكر الإسلامي: قراءة تحليلية للقضايا الجدلية 

حقوق المرأة في الفكر الإسلامي: قراءة تحليلية للقضايا الجدلية 

كتبت/ لطيفة الظفيري 

   تُعد حقوق المرأة قضية محورية في الفكر الإسلامي؛ إذ تسلط الضوء على العلاقة بين المبادئ الإسلامية والتحديات المعاصرة. يرى راشد الغنوشي أن تكريم الإنسان في الإسلام، كما ورد في قوله تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم"، لا يستند إلى الأنوثة أو الذكورة، بل يعتمد على الإنسانية المشتركة. ويؤكد الغنوشي مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، موضحًا أن التعاون والتكامل هما أساس نظام الزوجية، وفقًا لقوله تعالى: "ومن كل شيء خلقنا زوجين". ولكنه يُفرق بين المساواة والتماثل، مشددًا على ضرورة احترام الخصوصيات المرتبطة بالطبيعة النفسية والجسدية لكل من الجنسين.

   في ذات السياق، يبرز عبد العزيز قارة، في كتابه "الإسلام والعنصرية"، تأكيد الإسلام على المساواة بين البشر في الحقوق والواجبات، مستشهدًا بآيات قرآنية مثل: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا"، موضحًا أن الوحدة الإنسانية تقوم على أساس النفس الواحدة. ويبين قارة أن الاختلاف بين الرجال والنساء يكمن في الأدوار والاستعدادات التي تتناسب مع الطبيعة والفطرة، وهو ما يعكس التوازن الذي تسعى الأسرة الإسلامية لتحقيقه.

   أما محمد سليم العوا، فقد طرح مفهوم "المساواة القانونية" التي يقرّها الإسلام، معتبرًا أن التسوية بين غير المتماثلين إخلال بمبدأ المساواة. يشير العوا إلى أن الاختلاف بين الرجل والمرأة لا يعني التفاضل بقدر ما يعكس أدوارًا ووظائف تكاملية في الحياة.

   من القضايا التي أثارت جدلًا، ويرى البعض أنها تتعارض مع مفهوم المساواة كما تفهمه الإعلانات الدولية لحقوق الإنسان، الميراث وتعدد الزوجات وشهادة المرأة وزواجها من غير المسلم وولايتها والقوامة. وقد قدم المفكرون الإسلاميون رؤى تفسر هذه القضايا:

   الميراث: يُعتبر توزيع الإرث في الإسلام مرتبطًا بمسؤوليات الرجل كعائل للأسرة. وبذلك، تتوافق الحصص الإرثية مع الأدوار الاجتماعية والاقتصادية التي يتحملها كل من الجنسين.

    زواج المرأة من غير المسلم: يرى بعض المفكرين أن هذا التحريم يهدف إلى حماية الأسرة من التفكك، وضمان مراعاة مشاعر المرأة المسلمة تجاه دينها. بينما يذهب آخرون إلى تفسير الآيات القرآنية المرتبطة بالقضية بطريقة تسمح بزواج المسلمة من كتابي، مشددين على أن التحريم ينطبق فقط على الزواج من المشرك.

    تعدد الزوجات: يشترط الإسلام لتحقيق التعدد شرط العدل، كما ورد في قوله تعالى: "وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، مع التأكيد على أن تحقيق العدل الكامل بين الزوجات أمر مستحيل، مما يجعل التعدد مقيدًا بحالات إنسانية محددة.

    شهادة المرأة: تعزى ازدواجية شهادة المرأة في بعض الحالات إلى التنشئة الاجتماعية والأدوار المتباينة التي تقوم بها، حيث يُفسر ذلك بضرورة وجود شاهدة أخرى للتذكير.

   القوامة: ترتبط القوامة بالواجبات المترتبة على الرجل كالإنفاق، وهي ليست تفضيلًا بقدر ما هي مسؤولية اقتصادية واجتماعية.

  تبقى حقوق المرأة في الفكر الإسلامي موضوعًا غنيًا بالنقاش والتحليل. يحاول المفكرون الإسلاميون تقديم تفسيرات متجددة لقضايا حقوق المرأة تتماشى مع القيم الإسلامية ومبادئ العدالة، مؤكدين أن الإسلام يوازن بين الحقوق والواجبات، ويسعى لتحقيق العدالة بمفهومها الشامل مع مراعاة التحديات المعاصرة.